التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ١٥٣
ثم بين هذا بقوله * (انه لا يفلح الظالمون) * وان عاقبة الصلاح لأهل الحق والانصاف، وهو كما تقول على طريق المظاهرة بحمل الخطاب: الله أعلم بالمحق منا من المبطل وحجتي ظاهرة، فاكسرها ان قدرت على ذلك * (ومن تكون له عاقبة الدار) * يعني الجنة والثواب في الآخرة * (انه لا يفلح) * أي لا يفوز بالخير من ظلم نفسه وعصى ربه وكفر نعمه.
ثم حكى تعالى ما قال فرعون عند سماع كلام موسى لقومه فإنه قال لهم * (يا أيها الملاء ما علمت لكم من إله غيري) * فلا تصغوا إلى قوله، حين أعياه الجواب وعجز عن محاجته. ثم قال لهامان * (أوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا) * قال فالصرح البناء العالي كالقصر، ومنه التصريح شدة ظهور المعنى قال الشاعر:
بهن نعام بناها الرجال * تحسب أعلامهن الصروحا (1) جمع صرح وهي القصور، وقال قتادة: أول من طبخ الآجر وبنى به فرعون ويقال: الآجر بالتخفيف، والتثقيل والآجور ثلاث لغات.
وقوله * (لعلي اطلع إلى اله موسى) * فالاطلاع الظهور على الشئ من عل، وهو الاشراف عليه. وقوله * (واني لأظنه من الكاذبين) * حكاية ما قال فرعون فإنه قال: أظن موسى من جملة الذين يكذبون، ثم اخبر تعالى ان فرعون استكبر، وكذلك جنوده، واستكبروا * (في الأرض بغير الحق، وظنوا انهم الينا لا يرجعون) * إلى الله وإلى ثوابه وعقابه. وقوله * (فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم) * اخبار منه تعالى انه اخذ فرعون وجنوده أي جمعهم وطرحهم في البحر، وغرقهم. والنبذ الالقاء، قال أبو الأسود الدؤلي:

(١) تفسير القرطبي ١٣ / 209 والطبري 20 / 41
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»
الفهرست