التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ١٦٦
الله، والطغيان فيها بجحدها، والكفر بها.
ثم اخبر تعالى فقال " فتلك مساكنهم " يعني مساكن الذين أهلكهم الله " لم تسكن من بعدهم إلا قليلا " من الزمان. ثم هلكوا وورث الله تعالى مساكنهم لأنه لم يبق منهم أحد. ثم خاطب نبيه صلى الله عليه وآله فقال " وما كان ربك " يا محمد " مهلك القرى، حتى يبعث في أمها رسولا " وقيل في معنى " أمها " قولان:
أحدهما - في أم القرى، وهي مكة.
والآخر في معظم القرى في سائر الدنيا " يتلو عليهم آياتنا " اي يقرأ عليهم حجج الله وبيناته " وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون " لنفوسهم بارتكاب المعاصي، وكفران نعمه.
ثم خاطب خلقه فقال " وما أوتيتم من شئ " اي ما أعطيتم من شئ " فمتاع الحياة الدنيا " اي هو شئ تنتفعون به في الحياة الدنيا، وتتزينون فيها * (وما عند الله) * من الثواب ونعيم الجنة * (خير وأبقى) * من هذه النعم، لأنها باقية، وهذه فانية * (أفلا تعقلون) * ذلك وتتفكرون فيه.
وقوله * (ثمرات كل شئ) * قيل: ان (كل) ههنا البعض، لأنا نعلم أنه ليس يجبى إلى مكة كثير من الثمرات. وقال قوم: ظاهر ذلك يقتضى انه يجبى إليه جميع الثمرات إما رطبا أو يابسا، ولا مانع يمنع منه.
ومن قرأ * (تعقلون) * بالتاء فلقوله * (وما أوتيتم) * ومن قرأ بالياء فتقديره * (أفلا يعقلون) * يا محمد.
قوله تعالى:
* (أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»
الفهرست