التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٣٧٠
مقدر قدره الله لها إذا بلغته لا تؤخر عنه ولا تقدم عليه، بل تهلك عنده. والأجل:
هو الوقت المضروب لحدوث أمر من الأمور، وليس الأجل الوقت المعلوم أنه يحدث فيه أمر من الأمور، لان التأجيل فعل يكون به الوقت أجلا لامر، وما في المعلوم ليس بفعل. والأجل المحتوم لا يتأخر ولا يتقدم. والأجل المشروط بحسب الشرط.
والمعنى في الأجل المذكور - في الآية - الأجل المحتوم.
ثم اخبر تعالى انه ارسل بعد ان أهلك من ذكره (رسلا تترا) وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بالتنوين. الباقون بغير تنوين، ولا خلاف في الوقف انه بألف.
فمن نون لم يمل في الوقف، ومن لم ينون فمنهم من يميل، ومنهم من لا يميل. والمواترة المتابعة. وقيل: هي المواصلة يقال: واترت بين الخبرين أي تابعت بينهما. وقال ابن عباس ومجاهد، وابن زيد: معنى " تترا " أي متواترين يتبع بعضهم بعضا، وهي (فعلى) من المواترة فمن صرفها جعل الألف للالحاق، ومن لم يصرفها للتأنيث، ويقال: جاءت كتبه تترى. وأصل (تترى، وترى) من وترت، فقلبت الواو تاء لكراهتهم الواو أولا، حتى لم يزيدوها هناك البتة مع شبهها بالتاء في اتساع المخرج، والقرب في الموضع. وأصله في المعنى الاتصال، فمنه الوتر الفرد عن الجمع المتصل، ومنه الوتر لاتصاله بمكانه من القوس. ومنه وترت الرجل أي قطعته بعد اتصال.
ثم اخبر تعالى انه " كلما جاء أمة رسولها " الذي بعثه الله إليهم " كذبوه " ولم يقروا بنبوته.
وقوله " فاتبعنا بعضهم بعضا " يعني في الاهلاك أي إهلاكنا قوما بعد قوم " وجعلناهم أحاديث " يتحدثون بهم على وجه المثل في الشر، وهو جمع أحدوثة.
ولا يقال في الخير لان الناس يفسرون في الحديث بأسباب الشر أكثر وأغلب.
ثم قال تعالى " فبعدا " من رحمة الله ورسوله " لقوم لا يؤمنون " أي
(٣٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 ... » »»
الفهرست