قوله تعالى:
(يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم (52) وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون (53) فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون (54) فذرهم في غمرتهم حتى حين (55) أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين (56) نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون (57) ست آيات.
قرأ أهل الكوفة وابن عامر (وإن) بكسر الهمزة، وخفف ابن عامر النون وسكنها. وقرأ الباقون بفتح الهمزة مشددة النون.
قال قوم: هذا خطاب لعيسى (ع) حكاه الله تعالى، قالوا: وذلك لما جرى ذكره كأنه قال: يا عيسى " كلوا من الطيبات " وقال: آخرون: هو خطاب للنبي صلى الله عليه وآله خاصة خاطبه بلفظ الجمع، كما يقال للرجل الواحد: أيها القوم كفوا عنا.
وقال قوم: لما ذكر بعض الأنبياء، كأنه قال: وقلنا لهم " يا أيها الرسل كلوا من الطيبات " والاكل تناول الطعام بالفم، ومضغه وابتلاعه. وصورة " كلوا " صورة الامر، والمراد به الإباحة. وأصل " كلوا " أؤكلوا، فحذفت الهمزة تخفيفا لكثرة الاستعمال. والمعنى مفهوم، لأنه من الاكل. و (الطيبات) الحلال، وقيل: هو المستلذ. فعلى الوجه الأول يكون أمرا بنفل. لان تقديره كلوا من الحلال على الوجه الذي يستحق به الحمد. وعلى الثاني يكون على الإباحة، كما قال