لا يصدقون بوحدانيته فيقرون بالبعث والنشور والجزاء.
ثم اخبر تعالى انه أرسل - بعد إهلاك من ذكره - " موسى وهارون " نبيين " بآياتنا وسلطان مبين " بأدلة من الله وحجج ظاهرة " إلى فرعون وملائه " يعني قومه " فاستكبروا وكانوا قوما عالين " والملا الجماعة التي تملأ الصدر هيبتهم، وهم أشراف القوم ورؤساؤهم، وخصوا بالذكر، لان من دونهم أتباع لهم. فلما استكبروا وردوا دعوة الحق تبعهم غيرهم ممن هو دونهم. وقوله " فاستكبروا " أي تكبروا وتجبروا عن الإجابة لهما، وطلبوا بذلك الكبر، فكل مستكبر من العباد جاهل، لأنه يطلب أن يعظم بما فوق العبد، وهو عبد لله مملوك يلزمه التذلل له والخضوع، فهي صفة ذم للعبد. وكذلك جبار ومتجبر، وهو مدح في صفات الله تعالى، لان صفته تجل عن صفات المخلوقين، وتعلو فوق كل صفة.
وقوله " وكانوا قوما عالين " أي كانوا قاهرين للناس بالبغي والتطاول عليهم ولهذا كانت صفة ذم. والعالي القاهر القادر الذي مقدوره فوق مقدور غيره لعظمه يقال: علا فلان إذا ترفع وطغى وتجاوز، ومنه قوله " ألا تعلوا علي " (1) وقوله " إن فرعون علا في الأرض " (2) وقوله " قد أفلح اليوم من استعلى " (3) أي من علا على صاحبه وقهره بالحجة.
قوله تعالى:
(فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون (48) فكذبوهما فكانوا من المهلكين (49) ولقد آتينا موسى الكتاب