التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٣٦٥
في ترك التنوين فيهما.
يقول الله تعالى (انا أنشأنا) واخترعنا، من بعد إهلاك قوم نوح بالطوفان (قوما آخرين) والانشاء والاختراع واحد، وكلما يفعل الله تعالى، فهو إنشاء واختراع. وقد يفعل الله تعالى الفعل عن سبب بحسب ما تقتضيه المصلحة. والقرن أهل العصر لمقارنة بعضهم لبعض، ومنه قرن الكبش لمقارنته القرن الآخر، ومنه القرينة، وهي الدلالة التي تقارن الكلام. وقوله " فأرسلنا فيهم رسولا منهم " اخبار منه تعالى انه أرسل رسولا في القرن الذي أنشأهم من بعد قوم نوح. وقال قوم: هو صالح وقيل: هود، لأنه المرسل بعد نوح " ان اعبدوا الله ما لكم من اله غيره " أي أرسلناه بأن يقول لهم: اعبدوا الله وحده لا شريك له. ويقول لهم: مالكم معبود سواه، وأن يخوفهم إذا خالفوه. ويقول لهم " أفلا تتقون " عذاب الله، واهلاكه بارتكاب معاصيه، فموضع (أن) من الاعراب نصب. وتقديره بأن اعبدوا الله، فلما حذفت الباء نصب ب‍ (أرسلنا).
وقوله " وقال الملا من قومه " يعني - الاشراف، ووجوههم - قالوا لغيرهم " الذين كفروا " بالله وكذبوا بآياته وحججه وبيناته، وجحدوا " وكذبوا بلقاء الآخرة " والبعث والنشور يوم القيامة. وقوله " وأترفناهم في الحياة الدنيا " والاتراف التنعم بضروب الملاذ، وذلك أن التنعيم قد يكون بنعيم العيش، وقد يكون بنعيم الملبس، فالاتراف بنعيم العيش قال الراجز:
وقد أراني بالديار مترفا وقوله " ما هذا إلا بشر مثلكم " أي ليس هذا الذي يدعي النبوة من قبل الله إلا بشرا مثلكم " يأكل مما تأكلون منه " من الأطعمة " ويشرب مما تشربون منه " من الأشربة. ثم قالوا لهم " لئن أطعتم بشرا مثلكم " وعلى هيئتكم وأحوالكم " إنكم
(٣٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 ... » »»
الفهرست