تعالى " قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق " (1).
وقوله " واعملوا صالحا " أمر من الله لهم بأن يعملوا الطاعات، واجباتها ونوافلها. والصلاح الاستقامة، على ما تدعو إليه الحكمة. وقال قوم: إنما هذا حكاية لما قيل لجميع الرسل. وهو الوجه. وقال آخرون: المعنى وقلنا لعيسى " يا أيها الرسل " على الجمع على ما ذكرناه من المثال.
وقوله " وإن هذه أمتكم " موضع (ان) نصب، لان تقديره، ولان (هذه أمتكم أمة واحدة وانا ربكم فاتقون) أي لهذه فاتقون: وقيل: موضعه الجر بالعطف على (بما تعملون عليم). ومن كسر الهمزة استأنف الكلام. ومعنى الأمة - ههنا - الملة سماها بذلك للاجماع عليها بأمر الله. وقال الحسن وابن جريج: معنى (وإن هذه أمتكم أمة واحدة) أي دينكم دين واحد. وقيل: جماعتكم جماعة واحدة في الشريعة التي نصبها الله لكم. ونصب (أمة واحدة) على الحال. وقال الجبائي:
معناه (وإن هذه أمتكم أمة واحدة) في أنهم عبيد الله، وخلقه وتدبيره.
وقوله " فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا " فالزبر الكتب - في قول الحسن وقتادة ومجاهد وابن زيد - وهو جمع زبور، كرسول ورسل. والمعنى تفرقوا كتبا دانوا بها، وكفروا بما سواها، كاليهود دانوا بالتوراة وكفروا بالإنجيل، والقرآن.
وكالنصارى دانوا بالإنجيل وكفروا بالقرآن. ومن قرأ (زبرا) بفتح الباء، وهو ابن عامر فمعناها جماعات، لأنه جمع زبرة، وزبر، كبرمة وبرم.
وقوله (كل حزب بما لديهم فرحون) أي كل طائفة بما عندها تفرح لاعتقادها بأن الحق معها. فقال الله تعالى لنبيه (فذرهم) يا محمد (في غمرتهم) أي جهلهم وضلالتهم. وقيل: في حيرتهم. وقيل: في غفلتهم. والمعاني متقاربة (حتى حين)