التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٣٦٦
إذا لخاسرون " فجعلوا اتباع الرسول خسرانا، لأنه بشر مثلهم، ولم يجعلوا عبادة الصنم خسرانا، لأنه جسم مثلهم، وهذا مناقضة ظاهرة.
ثم حكى انهم قالوا لغيرهم " أيعدكم " هذا الذي يدعي النبوة من قبل الله " أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما " ورفاتا " انكم مخرجون " وقيل في خبر (ان) الأول قولان:
أحدهما - انه قوله (مخرجون) وتكون الثانية للتأكيد.
والثاني - أن يكون الخبر الجملة، وتقديره: أيعدكم انكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما إخراجكم. ونظير تكرير (ان) قوله " ألم يعلموا انه من يحادد الله ورسوله فان له نار جهنم " (1) يعني فله نار جهنم - ذكره الزجاج - إلا أن هذه الثانية عملت في غير ما عملت فيه الأولى. وإنما هي بمنزلة المكرر في المعنى. وموضع " انكم " الأولى نصب، وتقديره: أيعدكم بأنكم. وموضع (ان) الثانية كموضع الأولى، وإنما ذكرت تأكيدا، والمعنى: أيعدكم أنكم تخرجون إذا متم، فلما بعد ما بين (ان) الأولى، والثانية بقوله " إذا كنتم ترابا وعظاما " أعيد ذكر (أن).
ثم قالوا لهم " هيهات هيهات لما توعون " من البعث، والنشور، والجزاء بالثواب والعقاب. ومعنى " هيهات " بعد الامر جدا حتى امتنع، وهو بمنزلة صه. ومه) إلا أن هذه الأصوات الأغلب عليها الأمر والنهي وهذا في الخبر ونظيره (شتان) أي بعدما بينهما جدا، وإنما لم تتمكن هذه الأصوات في الأسماء يخروجها إلى شبه الافعال التي هي معانيها، وليست مع ذلك افعالا، لأنه لا يضمر فيها، ولا لها تصرف الافعال في أصلها، وإنما جعلت هكذا، للأفهام بما تفهم به البهيمة من الزجر بالأصوات، على هذه الجملة. وقال ابن عباس: معنى (هيهات)

(1) سورة 9 التوبة آية 64
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»
الفهرست