التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤٦٧
الأرض المستوية الواسعة. وقيل: إن الاخبات الإنابة - ذكره ابن عباس - وقال مجاهد: هو الاطمئنان إلى ذكر الله. وقال قتادة: هو الخشوع إليه والخضوع له.
وقال الحسن: هو الخشوع للمخافة الثابتة في القلب. وقال الجبائي: الاخبات سكون الجوارح على وجه الخضوع لله تعالى. وليس كل عمل صالح يستحق عليه حمد أو مدح، لأنه مثل الحسن في أنه ينقسم قسمين: أحدهما - يستحق عليه الحمد. والاخر - لا يستحق عليه كالمباح، فكذلك الصالحات. والمراد بالصالحات - ههنا - الطاعة، لأنه وعد عليها الجزاء في قوله " إن الحسنات يذهبن السيئات " (1). وقوله " وأخبتوا إلى ربهم " قال قوم: معناه اخبتوا لربهم، فوضع (إلى) مكان اللام، لان حروف الإضافة توضع بعضها مكان بعض، كما قال " أوحى لها " (2) بمعنى أوحى إليها. والاخر - أن معناه عمدوا باخباتهم إلى الله. وقوله " أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون " إشارة إلى المؤمنين الذين وصفهم بأنهم يعملون الصالحات ويخبتون إلى ربهم، فأخبر عنهم أنهم أصحاب الجنة اللازمون لها وأنهم فيها مخلدون دائمون.
قوله تعالى:
مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون (24) آية المثل قول سائر يشبه فيه حال الثاني بحال الأول، والأمثال لا تغير عن صورتها كقولك للرجل (اطرى انك ناعلة) وكذلك يقال للكافر: هو أعمى أصم أي هو بمنزلة الذين قيل لهم هذا القول، ويجري هذا في كل كافر يأتي من بعد.

(1) سورة 11 هود آية 115 (2) سورة 99 الزلزال آية 5
(٤٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 462 463 464 465 466 467 468 469 470 471 472 ... » »»
الفهرست