التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤٦٦
معنى (لا جرم) قال الزجاج: معنى (لا) نفي لما ظنوه أنه ينفعهم كأن المعنى لا ينفعهم ذلك. ثم ابتدأ " جرم انهم " أي كسب ذلك الفعل لهم الخسران.
وقال غيره: معناه لابد انهم، ولا محالة أنهم. وقيل: معناه حقا أنهم. واصل (الجرم) القطع فكأنه قال لا قطع من أنهم في الآخرة هم الأخسرون و (جرم) في قوله (لا جرم) فعل، وتقديره لا قطع قاطع عن ذا، إلا أنهم كثر في كلامهم حتى صار كالمثل وهو من قول الشاعر:
ولقد طعنت أبا عيينة طعنة * جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا (1) اي قطعتهم إلى الغضب، فرواية الفراء نصب فزارة، والمعنى كسبهم أن يغضبوا.
وخسران النفس يتعاظم، لان خسران النفس بعذاب دائم أعظم من خسرانها بعذاب منقطع، و (هم) في قوله هم الأخسرون " يحتمل أن يكون فصلا والأخسرون خبر (أن) و (هم) إذا كانت فصلا لم تقع في النكرة. وقولهم: ما كانوا في الدار هم القائمون. فلا يكون إلا اسما، فان جعلتهما فصلا قلت: كانوا في الدارهم القائمون.
قوله تعالى:
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون (23) آية لما ذكر الله تعالى الكفار، ووصف ما أعدلهم من العذاب وخسران النفس أخبر - هنا - أن الذين يؤمنون بالله ويعتقدون وحدانيته ويصدقون رسله، وعملوا الأعمال الصالحة التي أمرهم الله بها ورغبهم فيها " وأخبتوا إلى ربهم " أي خشعوا إليه.
والاخبات الخشوع المستمر على استواء فيه، وأصله الاستواء من الخبت، وهو

(1) مر في 3 / 423 و 5 / 413
(٤٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 461 462 463 464 465 466 467 468 469 470 471 ... » »»
الفهرست