والرسو، فموضع " مجراها " نصب على هذا الوجه بأنه ظرف عمل فيه على المعنى.
وفي الوجه الأول وقع. بالابتداء وبالظرف. ومن فتح الميم فلانه قال " وهي تجري ". ومن ضم، فلان جرت بهم وأجري بهم متقاربان في المعنى، ويقال:
جرى الشئ وجريت به وأجريته، وإنما ضموا الميم من (مرساها) لقوله " أيان مرساها " (1) وقوله " والجبال أرساها " (2) ومن أمال أو ترك الإمالة، فكلاهما حسنان.
اخبر الله تعالى عما قال نوح حين دنا ركوبهم السفينة " اركبوا فيها " يعني في السفينة، والركوب العلو على ظهر الشئ، فمنه ركوب الدابة وركوب السفينة وركوب البر وركوب البحر.
والعامل في " بسم الله " يحتمل ثلاثة أشياء: أحدها - (اركبوا). والثاني - ابتدؤا ببسم الله. والثالث - أجراها وأرساها. والمجرى يحتمل ثلاثة أوجه:
أحدها - أن يكون موضع الاجراء. والثاني - وقت الاجراء. والثالث - نفس الاجراء. وقيل: كان إذا أراد أن تجري قال " بسم الله " فجرت، فإذا أراد أن ترسوا قال " بسم الله " فرست ذكره الضحاك. قال لبيد:
عمرت حين ثلاثا قبل مجرى داحس * لو كان للنفس اللجوج خلود (3) والارساء إمساك السفينة بما تقف عليه أرساها إرساء ورست ترسو قال عنترة:
فصرت نفسا عند ذلك حرة * ترسوا إذا نفس الجبان تطلع (4) وقوله " ان ربي لغفور رحيم " إخبار منه تعالى حكاية عما قال نوح لقومه " ان ربي لغفور رحيم " أي ساتر عليهم ذنوبهم رحيم بهم منعم عليهم.
ووجه اتصال الآية بما قبلها أنه لما ذكرت النجاة بالركوب في السفينة