التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤٩
وهذا الذي ذكره باطل لأنه لا يمتنع أن يكون آخر الأئمة آخر الأئمة يعلم أنه لا إمام بعده وإن لم يعلم متى تقوم الساعة، لأنه لا يعلم متى يموت، فهو يجوز أن يكون موته عند قيام الساعة إذا أردنا بذلك انه وقت فناء الخلق. وإن قلنا إن الساعة عبارة عن وقت قيام الناس في الحشر فقد زالت الشبهة، لأنه إذا علم أنه يفنى الخلق بعده لا يعلم متى يحشر الخلق. على أنه قد روي أن بعد موت آخر الأئمة يزول التكليف لظهور اشراط الساعة وتواتر إماراتها نحو طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة وغير ذلك، ومع ذلك فلا يعلم وقت قيام الساعة، ولهذا قال الحسن وجماعة من المفسرين: بادروا بالتوبة قبل ظهور الست: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، والدابة، وغير ذلك مما قدمناه فعلى هذا سقط السؤال.
قوله تعالى:
قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون (187) آية بلا خلاف.
أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله أن يقول للمكلفين إني " لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله " ان يملكني إياه فمشيئته تعالى في الآية واقعة على تمليك النفع والضر لا على النفع والضر، لأنه لو كانت المشيئة إنما وقعت على النفع والضر كان الانسان يملك ما شاء الله من النفع، وكان يملك الأمراض والاسقام وسائرها ما يفعله الله فيه مما لا يجدله عن نفسه دفعا. ومعنى الآية إني أملك ما يملكني الله من الأموال وما أشبهها مما يملكهم ويمكنهم من التصرف فيها على ما شاؤوا، وكيف شاؤوا.
والضر الذي ملكهم الله إياه هو ما مكنهم منه من الاضرار بأنفسهم وغيرهم، ومن لم يملكه الله شيئا منه لم يملكه.
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست