لان معناه ولدا صالحا، ويريد بذلك الجنس. وإن كان لفظه واحدا، وإذا تقدم مذكوران وعقبا بأمر لا يليق بأحدهما وجب ان يضاف إلى الاخر، والشرك لا يليق بآدم، لأنه نبي نزهه الله عن ذلك، وعن جميع القبائح، ويلق بكفار ولده ونسله فوجب ان نرده إليهم.
وقال الزجاج وابن الاخشاد: جعل من كل نفس زوجها كأنه قال: وجعل من النفس زوجها على طريق الجنس وأضمر لتقدم الذكر.
وقال أبو مسلم محمد بن بحر الاصفهاني: الكناية في جميع ذلك غير بآدم وحواء وجعل الهاء في " تغشاها " والكناية في " دعوا الله ربهما، وآتاهما صالحا " راجعين إلى من اشرك ولم يتعلق بآدم وحواء إلا قوله: " خلقكم من نفس واحدة " والإشارة بذلك إلى جميع الخلق. وكذلك قوله " وجعل منها زوجها " ثم خص بها بعضهم، كما قال " هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة " (1) فخاطب الجماعة ثم خص راكب البحر، فكذلك اخبر الله تعالى عن جملة امر البشر بأنهم مخلوقون من نفس واحدة وزوجها وهما آدم وحواء ثم عاد الذكر إلى الذي سأل الله تعالى ما سأل فلما أعطاه إياه ادعى له الشركاء في عطيته.
وقال قوم: يجوز أن يكون عنى بقوله " هو الذي خلقكم من نفس واحدة " المشركين خصوصا، إذا كان كل بني آدم مخلوقون من نفس واحدة كأنه قال:
خلق كل أحد من نفس واحدة وخلق من النفس الواحدة زوجها، ومثله كثير نحو قوله عز وجل " فاجلدوهم ثمانين جلدة " (2) والمعنى فاجلدوا كل واحد منهم.
وقال قوم: ان الهاء في قوله: " جعلا له شركاء " راجعة إلى الولد لا إلى الله ويكون المعنى انهما طلبا من الله تعالى أمثالا للولد الصالح فاشركا بين الطلبتين، كما يقول القائل:
طلبت مني درهما فلما أعطيتكه شركته بآخر أي طلبت آخر مضافا إليه، فعلى هذا