ومن ضم الراء قطعه عن الأول ولم يجعله جوابا. ويجوز أن يكون أضمر المبتدأ وكان تقديره ونحن نذرهم، فيكون في موضع الجزم. ويجوز أن يكون استأنف الفعل فيرفعه ومن جزمه فإنه عطفه لي موضع الفاء وما بعدها من قوله " فلا هادي له " لان موضعه جزم، فحمل " ونذرهم " على الموضع، ومثله في الحمل على الموضع قوله تعالى " فأصدق وأكن " (1) لأنه لو لم يلحق الفاء لقلت لولا أخرتني أصدق، لان معنى " لولا أخرتني " (2) أخرني أصدق. فحمل قوله تعالى " واكن " على الموضع.
ومعنى قوله " من يضلل الله فلا هاي له " اي يمتحنه الله فيضل عند امتحانه وأمره إياه بالطاعة والخير والرشاد " فلا هادي له " أي لا يقدر أحد أن يأتيه بالهدى والبرهان بمثل الذي آتاه الله تعالى، ولا بما يقارنه أو يزيد عليه " ويذرهم في طغيانهم " بمعنى يخلي بينهم وبين ذلك، وترك اخراجه بالقسر والجبر، ومنعه إياه لطفه الذي يؤتيه من آمن واهتدى وقيل الوعظ.
والطغيان الغلو في الكفر، والعمه: التحير والتردد في الكفر. ويحتمل أن يكون المراد من يضلل الله عن الجنة عقوبة على كفره فلا هادي له إليها وإن الله لا يحول بين الكافر بل يتركه مع اختياره لان ما فعله من الزجر والوعيد كاف في إزاحة علة المكلف. وقيل معناه من حكم الله تعالى بضلاله وسماه ضالا بما فعله من الكفر والضلال فلا أحد يقدر على إزالة هذا الاسم عنه ولا يوصف بالهداية، وكل ذلك واضح بحمد الله تعالى.
قوله تعالى:
يسئلونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند