التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤٤
قوله تعالى:
أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين (183) أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شئ وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون (184) آيتان هذا خطاب من الله تعالى للكفار الذين كانوا ينسبون النبي صلى الله عليه وآله إلى الجنون على وجه التوبيخ لهم والتقريع " أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة " اي وليس بالنبي صلى الله عليه وآله جنة وهي الجنون، فإنه لا يأتي بمثل ما يأتي به المجنون، وهم يرون الأصحاء منقطعين دونه ويرون صحة تدبيره واستقامة أعماله وذلك ينافي أعمال المجانين.
وبين انه ليس به صلى الله عليه وآله إلا الخوف للعباد من عقاب الله، لان الانذار هو الاعلام عن المخاوف، فبين لهم ما عليهم من أليم العذاب بمخالفته ثم قال " أولم ينظروا " ومعناه يفكروا " في ملكوت السماوات والأرض " وعجيب صنعهما فينظروا فيهما نظر مستدل معتبر، فيعرفون بما يرون من إقامة السماوات والأرض مع عظم أجسامهما وثقلهما على غير عمد وتسكينها من غير آلة فيستدلوا بذلك على أنه خالقها ومالكها وأنه لا يشبهها ولا تشبهه.
وقوله " وما خلق الله من شئ " يعني وينظروا فيما خلق الله تعالى من أصناف خلقه فيستدلوا بذلك على أنه تعالى خالق جميع الأجسام وأنه أولى بالإلهية من الأجسام المحدثة.
وقوله تعالى " وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم " معناه أولم يتفكروا
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست