التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٦٢
أحدهما - ان يجعل من صلة المصدر، فيكون الناصب للمتاع هو المصدر الذي هو البغي، ويكون خبر المبتدأ محذوفا، وحسن ذلك لطول الكلام، لان بغيكم يدل على تبغون. والاخر - ان يجعل على أنفسكم خبر المبتدأ، ويكون نصب متاع على أحد وجهين: أحدهما - يمتعون متاع الحياة فيدل انتصاب المصدر عليه والاخر - ان يضمر تبغون كأنه قال تبغون متاعا، فيكون مفعولا له.
ولا يجوز أن يتعلق بالمصدر إذا جعلت (على) خبرا، لقوله إنما بغيكم على أنفسكم، لفصلك بين الصلة والموصول.
اخبر الله تعالى في هذه الآية عن هؤلاء الكفار الذين إذا رأوا الأهوال والشدائد في الفلك في البحر فزعوا إلى الله ودعوه مخلصين له الدين، وقالوا متى أنجيتنا من هذه " لنكونن من الشاكرين " أنه إذا أنجاهم وخلصهم من تلك الشدائد عادوا إلى البغي وهو الاستعلاء بالظلم. واصل البغي الطلب. تقول بغاه يبغيه إذا طلبه. والبغية الطلبة، والنجاة التخلص من الهلاك. والتخليص من الاختلاط لا يسمى نجاة. ومعنى " لما " ايجاب وقوع الثاني بالأول كقولك: لما قام قمت، ولما جاء زيد قام عمرو. والحق وضع الشئ في موضعه على ما يدعوا العقل إليه، والحق والحسن معناهما واحد. وقوله " يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم " خطاب من الله تعالى للخلق بأن بغيكم على أنفسكم من حيث إن عقابه يلحقكم دون غيركم " متاع الحياة الدنيا " معناه إنكم تطلبون بالبغي بغير الحق التمتع في الحياة الدنيا. ثم بعد ذلك ترجعون إلى الله بعد موتكم فيجازيكم بأعمالهم بعد أن يعلمكم ما عملتموه وما استحققتم به من أنواع العقاب. وقال مقاتل: معنى " يبغون في الأرض بغير الحق " يعبدون غير الله. وقال غيره: معناه كلما أنعمنا عليهم بغوا للدين وأهله الغوائل.
(٣٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 ... » »»
الفهرست