التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٦٤
(أفعلت) والأول أجود لان عليه القراء. وقوله " كأن لم تغن بالأمس " معناه كأن لم تقم على تلك الصفة فيما قبل، يقال: غني بالمكان إذا أقام به والمغاني المنازل، قال النابغة:
غنيت بذلك إذ هم لك جيرة * منها بعطف رسالة وتودد وقوله " كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون " معناه مثل ذلك نميز الآيات ونبينها لقوم يفكرون فيها ويعتبرون بها، لان من لا يفكر فيها ولا يعتبر بها كأنها لم تفصل له، فلذلك خصصهم بالذكر.
قوله تعالى:
والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم (25) آية.
أخبر الله تعالى بأنه الذي يدعو عباده إلى دار السلام. والدعاء طلب الفعل بما يقع لأجله، والداعي إلى الفعل خلاف الصارف عنه. وقد يدعو إليه باستحقاق المدح عليه. والفرق بين الدعاء والامر أن في الامر ترغيبا في الفعل، وزجرا عن تركه، وله صيغة تنبئ عنه، وليس كذلك الدعاء، وكلاهما طلب. وأيضا الامر يقتضي أن يكون المأمور دون الامر في الرتبة. والدعاء يقتضي أن يكون فوقه.
وفي معنى دار السلام قولان: أحدهما - قال الحسن: السلام هو الله. وداره الجنة. وبه قال قتادة. الثاني - قال الجبائي والزجاج: معناه دار السلامة.
وقوله " ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم " قيل في الهداية ههنا ثلاثة أقوال:
أحدها - يفعل الألطاف التي تدعوهم إلى طريق الحق لمن كان المعلوم أن له لطفا.
الثاني - الاخد بهم في الآخرة إلى طريق الجنة. الثالث - قال أبو علي: يريد به نصب الأدلة لجميع المكلفين دون الأطفال والمجانين. والاستقامة المرور في جهة
(٣٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 ... » »»
الفهرست