التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٥٩
وقيل إنما سمى جزاء المكر مكرا، لأنهم إذا نالهم العذاب على مكرهم بحيث لا يحتسبونه ولا يتوقعونه فكأنه مكر بهم.
قوله تعالى:
هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين (22) آية قرأ ابن عامر وأبو جعفر " ينشركم " بالنون والشين من النشر. والباقون بالياء والسين وتشديد الياء من التسيير. قال أبو علي: حجة ابن عامر أن (ينشركم) مثل قوله " وبث منهما رجالا كثيرا ونساء " (1) فالبث تفريق ونشر. وحجة الباقين قوله " قل سيروا في الأرض " (2) " فامشوا في مناكبها " (3) فالمعنيان متقاربان.
امتن الله على خلقه في هذه الآية وعدد نعمه التي يفعلها بهم في كل حال، فقال " هو الذي يسيركم في البر والبحر " وتسييره إياهم اما في البحر، فلانه بالريح والله المحرك لها دون غيره، فلذلك نسبه إلى نفسه، واما في البر فلانه كائن باقداره وتمكينه وتسبيبه، فلذلك نسبه إلى نفسه. والتسيير التحريك في جهة تمتد كالسير المدود، والبر الأرض الواسعة التي تقطع من بلد إلى بلد، ومنه البر لا تساع الخير به

(1) سورة 4 النساء آية 1 (2) سورة 6 الانعام آية 11 وسورة 27 النمل آية 69 وسورة 29 العنكبوت آية 20 وسورة 30 الروم آية 42 (3) سورة 67 الملك آية 15
(٣٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 ... » »»
الفهرست