التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٥٧
تفضلا منه وزيادة في الانعام عليهم.
قوله تعالى:
ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين (20) آية حكى الله تعالى عن هؤلاء الكفار أنهم قالوا: هلا أنزل على محمد آية وأرادوا بذلك أنه يضطرهم إلى المعرفة ولا يحتاجون معها إلى النظر والاستدلال، ولم يطلبوا معجزة يستدل بها على صدقه، لأنه قد كان أتاهم بالمعجزات التي تدل على صدقه فلم يجبهم الله على التمسوه، لان التكليف يمنع من الاضطرار إلى المعرفة، لان الغرض بالتكليف التعريض للثواب. واو عرفوا الله تعالى ضرورة لما استحقوا ثوابا فكان ذلك ينقض غرضهم. وقال أبو علي: طلبوا آية سوى القرآن.
والأصل في (لولا) امتناع الثاني لكون الأول كقولك: لو لأزيد لجئتك فخرجت إلى معنى التحضيض بأنه ليس ينبغي ان يمتنع ذا لكون غيره قوله " فقل إنما الغيب لله " معناه إن ما لا تعرفونه ولا نصب لكم عليه دليل يجب أن تسلموا علمه إلى الله، لأنه العالم بالخفيات وما يكون في المستقبل، فلأجل ذلك لا يفعل الآية التي اقترحتموها في هذا الوقت لما في ذلك من حسن التدبير ووجه المصلحة. والغيب خفاء الشئ عن علم العباد، والله تعالى عالم الغيب والشهادة لأنه عالم لنفسه يعلم الأشياء قبل كونها وبعد كونها لا يخفى عليه خافية.
وقوله " فانتظروا " معناه انتظروا ما وعدكم الله من نصر المؤمنين وقهر الكافرين وانزال الذل العقاب بهم إن أقاموا على كفرهم ف‍ " إني معكم من المنتظرين " لذلك.
(٣٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 ... » »»
الفهرست