قوله " فمن أظلم ممن " ظاهره الاستفهام والمراد به الاستعظام والاخبار به انه لا أحد أظلم ممن اخترع كلاما أو خبرا ثم اضافه إلى الله ويرد به النبي نفسه لو كان فعل " أو كذب بآياته " يعنيهم " إنه لا يفلح " اي لا يفوز " المجرمون " وإنما قال: لا أحد أظلم ممن هذه صفته، لأنه ظلم كفر، وهو أعظم من ظلم ليس بكفر. والتقدير لا أحد أظلم ممن يظلم ظلم كفر، فعلى هذا من يدعي الربوبية داخل في هذه الجملة لان ظلمه ظلم كفر، كأنه قيل لا أحد أظلم من الكافر، وليس لاحد ان يقول: المدعي للربوبية أظلم من المدعي للنبوة وهو كاذب. والكذاب بآيات الله ظالم لنفسه بما يدخل عليها من استحقاق العقاب وظالم لغيره ممن يجوز ان تلحقه المنافع والمضار بتكذيبه إياه ورده عليه، لان من شأنه ان يعمه مثل هذا التكذيب. و (من) في الآية للاستفهام وهي لا توصل لأنها تضمنت حرف الاستفهام فعوملت معاملته، كما انها إذا كانت بمعنى الجزاء لم توصل لتضمنها معنى (إن) التي هي أم الباب في الجزاء.
قوله تعالى:
ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبؤن الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون (18) آية.
قرأ أهل الكوفة الا عاصما " عما تشركون " بالتاء ههنا وفي النحل في موضعين وفي الروم. الباقون بالياء. من قرأ بالتاء بناه على ما تقدم من قوله " أتنبئون الله بما لا يعلم " فلما خاطبهم بذلك وجه إليهم الخطاب بتنزيهه عما يشركون. ومن قرأ بالياء بناه على الخبر عن الغائب لان أول الآية مبني على ذلك، وهو قوله ويعبدون من دون الله " وكلاهما حسن.