التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٤٨
التزيين هو التحسين من الشيطان والغواة. وقال غيره هو التحبيب بالشهوة لتحبيب المشتهى. وقوله " أو قاعدا أو قائما " نصب على الحال. وقوله " كأن " هي المخففة عن الثقيلة، وتقديره كأنه لم يدعنا، ومثله قول الخنساء:
كأن لم يكونوا حمى متقى * إذ الناس إذ ذاك من عزبز (1) اي كأنهم. وقوله " مر كأن لم " اي استمر على طريقته الأولى كأنه لم يدعنا ولم يسألنا ذلك. وموضع الكاف نصب على أنه مفعول ما لم يسم فاعله والمعنى زين للمسرفين عملهم " كذلك " أي مثل ذلك.
قوله تعالى:
ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين (13) آية أقسم الله تعالى في هذه الآية أنه أهلك من كان قبل هذه الأمة من القرون، وهو جمع قرن. وسمي أهل كل عصر قرنا لمقارنة بعضهم لبعض. والقرن هو المقاوم لقرينه في الشدة، ويعني بذلك الذين كذبوا رسل الله الذين بعثهم الله إليهم فكفروا بذلك بربهم وظلموا أنفسم، فأهلكهم الله بأنواع العذاب وفنون الاستئصال كما أهلك قوم لوط وقوم موسى وغيرهم، وبين بقوله " وما كانوا ليؤمنوا " ان هذه الأمم التي أهلكهم لم يكونوا مؤمنين ولو أبقاهم الله لم يؤمنوا بالرسل الذين أتوهم والكتب التي جاؤوهم بها، ولما كان ذلك المعلوم من حالهم استحقوا من الله تعالى العذاب فأهلكهم.
وقوله " كذلك نجزي القوم المجرمين " اي نعاقب مثل عقوبة هؤلاء المجرمين إذا استحقوا أو كانوا ممن لا يؤمن ولا يصلح. وجعل أبو علي الجبائي ذلك دليلا

(1) ديوانها أنيس الجلساء 144
(٣٤٨)
مفاتيح البحث: العذاب، العذب (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 ... » »»
الفهرست