التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٤٧
في الطغيان، لأنه إنما يتركهم ليتوبوا من ذلك ويؤمنوا لكنه بين أنه لا يعاجلهم بالعقاب في الدنيا، وهم مع ذلك لا يرعوون بل يترددون في الطغيان. وقيل المعنى نتركهم في الآخرة يتحيرون في جزاء طغيانهم.
قوله تعالى:
وإذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون (12) آية.
اخبر الله تعالى في هذه الآية عن قلة صبر الانسان، إذا ناله الضر دعا ربه على سائر حالاته التي يصيبه ذلك عليها، سواء كان قائما أو قاعدا إذا أطاقه، أو على جنبه من شدة المرض فيجتهد الدعاء لان يهب الله له العافية. وليس غرضه بذلك نيل الثواب للآخرة. وإنما غرضه زوال ما هو فيه من الآلام، فإذا كشف الله عنه ذلك الضرر، ووهب له العافية، مر معرضا عن شكر ما وهبه له من نعمة عافية فلا يتذكر ما كان فيه من الآلام، وصار في الاعراض عن ذلك بمنزلة من لم يدع الله كشف ألمه ولا سأله إزالة الضرر عنه الذي كان به. وقوله " كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون " قال أبو علي الجبائي: الشياطين الذين دعوا المسرفين إلى المعاصي واغووهم بها وبترك شكر نعم الله زينوا لهؤلاء المسرفين ما كانوا يعملونه من المعاصي والاعراض عن ذكر نعمه وأداء شكره. والغرض بذلك انه ينبغي لمن وهب الله له العافية بعد المرض ان يتذكر حسن صنع الله إليه وجزيل نعمه عليه، فيشكره على ذلك ويسأله إدامة ذلك عليه. ونبه بذلك على أنه يجب عليه الصبر عند المرض وترك الجزع عند احتساب الاجر وطلب الثواب في الصبر على ذلك، وأن يعلم أن الله محسن إليه بذلك، وليس بظالم له. وقال الحسن
(٣٤٧)
مفاتيح البحث: المرض (3)، الصبر (2)، الضرر (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 ... » »»
الفهرست