" الشر " اي ما يدعون به من الشر على أنفسهم في حال ضجر وبطر " استعجالهم " إياه بدعاء " الخير " فأضاف المصدر إلى المفعول به وحذف الفاعل كقوله دعاء الخير، وحذف ضمير الفاعل، والتقدير " ولو يعجل الله للناس الشر " استعجالا مثل " استعجالهم بالخير لقضي إليهم اجلهم " قال أبو عبيدة: معنا الفراغ من اجلهم ومدتهم المضروبة للحياة، فهلكوا. وهو قريب من قوله " ويدعو الانسان بالشر دعاؤه بالخير وكان الانسان عجولا " (1). وقيل للميت مقضي كأنه قضي إذا مات وقضى فعل، التقدير استوفى أجله، قال ذو الرمة:
إذا الشخص فيها هزه الال أغمضت * عليه كاغماض المقضي هجولها (2) والمعنى أغمضت هجول هذه البلاد على الشخص الذي فيها، فلم ير لقربه كاغماض المقضي، وهو الميت. فأما قوله " لقضي إليهم " وبما يتعلق هذا الجار، فإنه لما كان معنى (قضى) معنى (فرغ) وكان قولك (فرغ) قد يتعدى بهذا الحرف وفي التنزيل " سنفرغ لكم " (3) فإنه يمكن أن يكون الفعل يتعدى باللام كما يتعدى ب (إلى) كما أن أوحى في قوله " وأوحينا إليه " قد تعدى ب (إلى) وفي قوله " بأن ربك أوحى لها " (4) تعدى باللام، فلما كان معنى قضى فرغ، وفرغ تعلق بها (إلى) كذلك تعلق بقضى. ووجه قراءة ابن عامر واسناده الفعل إلى الفاعل، لان الذكر قد تقدم في قوله " ولو يعجل الله للناس " فقال (لقضى) الله - على هذا - وقوى ذلك بقوله " ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده " (5) فقوله " قضى اجلا " اضافه إلى الفاعل فكذلك في هذه الآية. وقوله " واجل مسمى عنده " يعني أجل البعث بدلالة قوله " ثم أنتم تمترون " (6) أي تشكون في البعث.