التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٤٣
الأنهار " تجري بين أيديهم، وهم يرونها من عل، كما قال تعالى " قد جعل ربك تحتك سريا " (1) ومعلوم انه لم يجعل السري تحتها وهي قاعدة عليه، لان السري هو الجدول، وإنما أراد أنه جعل بين يديها. وقال حاكيا عن فرعون " أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي " (2) وقيل من تحت بساتينهم وأسرتهم وقصورهم - في قول أبي علي. معنى الهدى - هنا - الارشاد إلى طريق الجنة ثوابا على أعمالهم الصالحة، ألا ترى أنه قال " يهديهم ربهم بايمانهم " يعني جزاء على إيمانهم، وذلك لا يليق إلا بما قلناه. ويحتمل أن يكون وصفهم بالهداية على وجه المدح جزاء على إيمانهم بالله تعالى.
قوله تعالى:
دعويهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعويهم أن الحمد لله رب العالمين (10) آية معنى " دعواهم فيها " ان دعاء المؤمنين لله في الجنة، وذكرهم له فيها هو ان يقولوا " سبحانك اللهم " ويقولون ذلك ولهم فيها لذة لا على وجه العبادة، لأنه ليس هناك تكليف. وقيل: إنه إذا مر بهم الطير ويشتهونه قالوا " سبحانك اللهم " فيؤتون به، فإذا نالوا منه شهوتهم قالوا " الحمد الله رب العالمين " هذا قول ابن جريح. وقال الحسن: آخر كلام يجري لهم في كل وقت " الحمد لله رب العالمين " لا أنه ينقطع. والدعوى قول يدعى به إلى أمر، ومعنى " سبحانك اللهم " ننزهك يا الله من كل ما لا يليق بك ولا يجوز من صفاتك من تشبيه أو فعل قبيح. وقيل معناه براءة الله من السوء فيما يروى عن النبي صلى الله عليه وآله وقال الشاعر:

(1) سورة 19 مريم آية 23 (2) سورة 43 الزخرف آية 51
(٣٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 ... » »»
الفهرست