التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٥٢
فعلى هذا لا يوصف الله تعالى بالداري، واما قول الراجز.
اللهم لا أدري وأنت الداري فلا يكون حجة في جوزا ذلك لامرين: أحدهما - انه لما تقدم قوله:
لا أدري استجاز أن يذكر الداري بعده، ليزدوج الكلام، كما قال تعالى " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه " (1) ونظائره كثيرة. والثاني - إن الاعراب ربما ذكروا أشياء امتنع جوازها كما قال:
لو خافك الله عليه حرمه (2) وقال آخر:
اللهم إن كنت الذي بعهدي * ولم تغيرك الأمور بعدي فاما الهمزة على ما حكي عن الحسن، فلا وجه له لان الدرء الدفع، كما قال " فادرءوا عن أنفسكم الموت " (3) وقال " فادارأتم فيها " (4) وقوله عليه السلام (ادرأوا الحدود بالشبهات) قال الفراء: إن كان ما حكي عن الحسن لغة، وإلا يجوز أن يكون الحسن ذهب إلى طبعه وفصاحته فذهب إلى درأت الحد، وقد يغلط بعض العرب في الحرف إذا ضارعه آخر في الهمزة فيهمز ما ليس مهموزا، سمعت امرأة من غني تقول: رثأت زوجي بأبيات، ويقولون: لبأت بالحج وحلات السويق. وكل ذلك غلظ، لان (حلات) إنما هو من دفع الإبل العطاش عن الماء و " لبأت " من اللباء الذي يؤكل، و " رثأت " من الرثية إذا حلبت الحليب على الرايب، ومن أمال فتحة الراء وأمال الألف بعدها، فلان هذه الألف تنقلب ياء في أدريته، وهما مدريان. ومن لم يمل فلان الأصل عدم الإمالة، ولان كثيرا من الفصحاء لا يميل ذلك.
ومعنى قوله " ولا أدراكم به " قال ابن عباس ولا أعلمكم به من (دريت به)

(1) سورة 2 البقرة آية 194 (2) قد مر في 2 / 185 (3) سورة 3 آل عمران آية 168 (4) سورة 2 البقرة آية 72
(٣٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 ... » »»
الفهرست