قرأ حمزة والكسائي " ليميز " مضمومة الياء مشددة، والباقون بفتح الياء خفيفا.
اخبر الله تعالى انه يحشر الكفار إلى جهنم " ليميز الخبيث " الذي هو الكافر " من الطيب " الذي هو المؤمن. (والتمييز) هو إخراج الشئ عما خالفه مما ليس منه، وإلحاقه بما هو منه. تقول مازه يميزه، وميزه تمييزا. وامتاز امتيازا وانماز انميازا والخبيث الردئ من كل شئ. وضده الطيب. ومنه خبث الحديد وخبث الفضة، وخبث الانسان خبثا، وتخبث تخبثا، وتخابث تخابثا وخبثه تخبيثا و (الطيب) المستلذ من الطعام والطيب الحلال من الرزق، والطيب من الولد الذي يفرح به والطيب نقيض الخبيث، وهو الجيد من كل شئ.
وقيل المعنى ليميز الله ما انفقه المؤمنون في طاعة الله مما انفقه المشركون في معاصيه. وقوله " ويجعل الخبيث بعضه على بعض " معناه إن الكافر يكون على أسوء حال كالمتاع والركام، هوانا، وتحقيرا، وإذلالا.
وقوله " فيركمه جميعا " معناه تراكب بعضه فوق بعضه. كالرمل الركام وهو المتراكب. ركمه يركمه ركما وتراكم تراكما وارتكم ارتكاما. ومنه قوله تعالى في صفة السحاب " ثم يجعله ركاما " (1) وقال الحسن يركمهم الله مع ما انفقوا في جهنم، كما قال " يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم " (2) ثم اخبر انه إذا ركمه جميعا يجعله في جهنم وأخبر عنهم بأنهم الخاسرون نفوسهم باهلاكهم إياها بارتكاب المعاصي والكفر المؤدي إلى عذاب الأبد.
قوله تعالى:
قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن