التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ١١٦
ومعنى الآية الاخبار من الله تعالى أنه لم تكن صلاة هؤلاء الكفار الصادين عن المسجد الحرام " إلا مكاء " لئلا يظن ظان ان مع كونهم مصلين ومستغفرين لا يعذبهم الله، كما قال في الآية الأولى، فبين ان صلاتهم كانت مكاء وتصدية.
والمكاء صفير كصفير المكاء. وهو طائر يكون بالحجاز وله صفير قال الشاعر:
ومكابها فكأنما يمكو بأعصم عاقل (1) وأصل المكاء جمع الريح للصفير. ويقال مكا يمكوا مكاء إذا صفر بفيه ومنه يمكوا است الدابة إذا انتفخت بالريح. والاست: الكوة، والمكو ان يجمع الرجل يديه ثم يدخلهما في فيه ثم يصيح. ومنه قول عنترة:
وحليل غانية تركت مجدلا * تمكو فريضته كشدق الأعلم (2) اي يصفر بالريح لما طعنه والتصدية التصفيق يقال صدى يصدي تصدية إذا صفق بيديه. ومنه الصدى صوت الجبل، ونحوه. ومنه تصدى للملك إذا تعرض له ليكلمه. وقال ابن عباس، وابن عمر، والحسن، وعطية، ومجاهد، وقتادة والسدي: المكاء الصفير، والتصدية التصفيق، قال الراجز:
ضنت بخد وجلت عن خد * فأنا من غرو الهوى أصدي أي اصفق بيدي تعجبا. والغرو: العجب.
وقال أبو علي الجبائي: كان بعضهم يتصدى لبعض ليراه بذلك الفعل، وكان يصفر له. وقال سعيد بن جبير وابن زيد: التصدية صدهم عن البيت الحرام. وقيل:
إنهم كانوا يخلطون ويشوشون بذلك على النبي صلى الله عليه وآله.
وإنما سمي مكاؤهم بأنه صلاة لامرين:

(١) مجاز القرآن ١ / ٢٤٦ (٢) ديوانه: ٢٤ من معلقته الشهيرة. واللسان (مكا) وتفسير القرطبي ٧ / 400 والطبري 13 / 521.
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»
الفهرست