التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ١١٥
والأول أحسن، لان المعنى لم لا يعذبهم الله. فان قيل: كيف تجمعون بين الآيتين على قول من لا ينسخ الأولى، فان في الأولى نفى ان يعذبهم الله وهم يستغفرون وفي الثانية أثبت ذلك؟ قلنا عنه ثلاثة أجوبة:
أحدها - أن يكون أراد وما لهم ان لا يعذبهم الله في الآخرة والثاني - أن يكون يعني بالأولى عذاب الاستئصال كما فعل بالأمم الماضية وبالثانية أراد عذاب السيف والأسر وغير ذلك ويكون قوله " وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون " اي انه لا يعذبهم بعذاب الدنيا، والآخرة إذا تابوا واستغفروا.
الثالث - أنه لا يعذبهم ما دام النبي فيهم وما داموا يستغفرون وإن كانوا يستحقون العذاب بكفرهم وعنادهم.
وقوله: " ولكن أكثرهم لا يعلمون " دليل على بطلان قول من قال المعارف ضرورة.
قوله تعالى:
وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون (35) آية.
روى الحسين العجفي عن أبي بكر " صلاتهم " نصبا " إلا مكاء وتصدية " رفع فيها. والصواب ما عليه القراء، لان " صلاتهم " معرفة و " مكاء وتصدية " نكرة ولا يجوز ان يجعل اسم كان نكرة وخبره معرفة. ومن قرأ كذلك فلان الصلاة لما كانت مؤنثة ولم يكن في كان علامة التأنيث أضاف الفعل إلى المذكور وهو " مكاء ". وهذا ليس بصحيح، لان " صلاتهم " لما كان مضافا إلى المذكر جاز ان يذكر كما أن المذكر إذا أضيف إلى المؤنث جاز ان يؤنث، نحو قولهم: ذهبت بعض أصابعه.
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»
الفهرست