التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ١٢١
وقال ابن عباس، والحسن: معناه حتى لا يكون شرك. وقال ابن إسحاق حتى لا يفتن مؤمن عن دينه. والفرق بين قوله " حتى لا يكون فتنة " وبين قوله حتى لا يكون كفر هو ان الذليل والأسير والشريد لا يفتن الناس في دينهم لان الذل لا يدعوا إلى حال صاحبه كما يدعو العز.
وقوله " ويكون الدين كله لله " معناه ان يجمع أهل الباطل وأهل الحق على الدين الحق فيما يعتقدونه ويعملون به، فيكون الدين كله حينئذ لله بالاجتماع على طاعته وعبادته، والدين ههنا الطاعة بالعبادة.
وقوله " فان انتهوا فان الله بما تعملون بصير " معناه فان رجعوا عن الكفر وانتهوا عنه فان الله يجازيهم مجازاة البصير بهم وبأعمالهم باطنها وظاهرها لا يخفى عليه شئ منها.
وقوله " وإن تولوا فاعلموا ان الله مولاكم " قيل في معناه قولان:
أحدهما - وان تولى هؤلاء الكفار واعرضوا عن الدين الحق واتباعه فثقوا بالله وتذكروا ما وعدكم به أيها المؤمنون تسكينا لنفوسهم وتمكينا للحق عندهم.
والثاني - فاعلموا ان الله ينصركم عليهم على طريق الامر بعلم هذا ليكونوا على بصيرة في أن الغلبة لهم وقوله " وإن تولوا " شرط. وقوله " فاعلموا أن الله " امر في موضع الجواب، وإنما جاز ذلك لان فيه معنى الخبر، فلم يخرج من أن يجب الثاني بالأول، كأنه قال فواجب عليكم العلم بأن الله مولاكم أو فينبغي ان تعلموا ان الله مولاكم.
والمولى ههنا هو الناصر. وهو الذي يوليكم عن الغلبة. والمولى على اقسام بمعنى الناصر وبمعنى الحليف، وبمعنى المعنق والمعتق. وبمعنى الأولى والأحق كما قال لبيد:
فقدت كلا الفرحين يحسب أنه * مولى المخافة خلفها وأمامها (1)

(1) مقاييس اللغة 2 / 212
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»
الفهرست