التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ١١٤
لا يعلمون (34) آية.
(ما) في قوله " وما لهم ان لا يعذبهم الله " خرجت مخرج الاستفهام ومعناه إيجاب العذاب، وجاز ذلك، لأنه أبلغ في معنى الايجاب، من حيث إنه لا جواب - لمن سأل عن مثل هذا - يصح في نفي العذاب، والمعنى لم لا يعذبهم وهذا فعلهم.
وموضع (أن) نصب بمعنى أي شئ لهم في أن لا يعذبهم، لكن لما حذف الجار عمل معنى الفعل من الاستقرار، وجاز الحذف مع (أن) ولم يجز مع المصدر لطول (أن) بالصلة اللازمة من الفعل والفاعل، وليس كذلك المصدر. وحكي عن الأخفش ان (أن) زائدة مع عملها.
وقوله " وهم يصدون عن المسجد " والصد المنع، والصد الاعراض عن الشئ من غير حيلولة بينه وبين غيره والمراد ههنا المنع.
وقوله: " وما كانوا أولياءه " جمع ولي وهو الذي يستحق القيام بأمر الشئ ويكون أحق به من غيره، فعلى هذا الله تعالى ولي المتقين دون المشركين. وقال أبو جعفر عليه السلام والحسن قال المشركون: نحن أولياء المسجد، فرد الله ذلك عليهم، فقال " وما كانوا أولياءه ". ثم اخبر الله تعالى " إن أولياؤه " بمعنى ليس أولياء المسجد إلا المتقون الذين يتركون معاصي الله ويجتنبونها.
وقال قوم: المعنى إن أولياء الله إلا المتقون والأول أحسن: لأنه مما يقتضيه الانكار.
وقيل في معنى (لا) قولان: أحدهما - ان معناها الجحد اي ما لهم في الامتناع من العذاب. وقيل هي صلة، لان المعنى ايجاب العذاب، كما قال الشاعر:
لو لم تكن غطفان لا دنوت لها * إذن للام ذووا احسابها عمرا (1)

(1) قائله الفرزدق ديوانه 283 والخزانة 2 / 87 والطبري 5 / 302 و 13 / 519
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»
الفهرست