التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ١٠٨
وعزا كقوله: " يوم الفرقان يوم التقى الجمعان " (1) وقال الجبائي: يجعل لكم نصر وعزا وثوابا لكم، وعلى أعدائكم خذلانا وذلا وعقابا كل ذلك يفرق بينكم وبينهم في الدنيا والآخرة.
وإنما جاز الشرط في اخبار الله مع اقتضائه شك المخبر منا من حيث إن الله تعالى يعامل عباده في الجزاء معاملة الشاك للمظاهرة في العدل ولذلك جازت صفة الابتلاء والاختبار لما في ذلك من البيان ان الجزاء على ما يظهر من الفعل دون ما في المعلوم مما لم يقع منه. ثم بين انه يضيف إلى ذلك تكفير سيئاتهم وغفران ذنوبهم وسترها عليهم تفضلا منه تعالى.
وقوله " والله ذو الفضل العظيم " قيل في معناه قولان:
أحدهما - قال الجبائي: معناه ان من ابتدأكم بالفضل العظيم لأنه كريم لنفسه لا يمنعكم ما استحقيتموه بطاعاتكم له.
الثاني - انه الذي يملك الفضل العظيم فينبغي ان يطلب من جهته.
قوله تعالى:
وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين (30) آية.
خاطب الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله فقال: واذكر " إذ يمكر بك الذين كفروا " والمكر الفتل إلى جهة الشر في خفى وأصله الالتفاف من قول ذي الرمة.
عجزاء ممكورة خمصانة قلق * عنها الوشاح وتم الجسم والقصب (2) اي ملتفة. والمكر والختل والغدر نظائر. والفرق بين المكر والغدر ان الغدر نقض العهد الذي يلزم الوفاء به، والمكر قد يكون ابتداء من غير عقد.

(1) سورة 8 الأنفال آية 41 (2) مقايس اللغة 4 / 133
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست