- ان عصاه - عذابه وعقوبته في يوم عظيم وهو يوم القيامة. ومعنى العظيم - هاهنا - أنه شديد على العباد، وعظيم في قلوبهم.
وفي الآية دلالة على أن من زعم أن من علم الله أنه لا يعصى فلا يجوز أن يتوعده بالعذاب. وعلى من زعم أنه لا يجوز أن يقال فيما قد علم الله أنه لا يكون أنه لو كان لوجب فيه كيت وكيت، لأنه كان المعلوم لله تعالى أن النبي صلى الله عليه وآله لا يعصي معصية يستحق بها العقاب يوم القيامة، ومع هذا فقد توعده به.
قوله تعالى:
من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين (16) آية بلا خلاف.
قرأ أهل الكوفة الا حفصا، ويعقوب " من يصرف " بفتح الياء وكسر الراء. الباقون بضم الياء وفتح الراء.
وفاعل (يصرف) هو الضمير العائد إلى " ربي " من قوله: " إني أخاف ان عصيت ربي ". ويكون حذف الضمير العائد إلى العذاب، والمعنى من يصرف الله عنه، وكذلك هو في قراءة أبي. قال أبو علي: وليس حذف الضمير بالسهل لأنه ليس بمنزلة الضمير الذي يحذف من الصلة إذا عاد إلى الموصول، نحو " أهذا الذي بعث الله رسولا " (1) و " سلام على عباده الذين اصطفى الله " (2) أي بعثهم الله واصطفاهم، ولا يعود الضمير المحذوف - هاهنا - إلى موصول ولا إلى (من) التي المجزاء، وإنما يرجع إلى العذاب من قوله " ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم "، وليس هذا بمنزلة قوله " والحافظين فروجهم " (3) لان هذا فعل واحد قد تكرر وعدي الأول فيهما