بفتح الياء العين معا. فمن ضم الياء أراد أن غيره لا يطعمه في مقابلة قوله:
" وهو يطعم ". ومن فتح الياء أراد أنه نفسه لا يطعم. والمعنى هو يرزق الخلق ولا يرزقه أحد. والطعمة والطعم والاطعام الرزق، قال امرؤ القيس:
مطعم للصيد ليس له * غيرها كسب على كبره (1) وقال علقمة بن عدي:
ومطعم الغنم يوم الغنم مطعمة * أني توجه والمحروم محروم (2) ألا ترى أنه وضع الحرمان في مقابلة الاطعام، كما يوضع أبدا مقابلا للرزق. وقيل: إنه ذكر الاطعام، لان حاجة العباد إليه أشد، ولان نفيه عن الله أدل على نفي شبهه بالمخلوقين، لان الاطعام لا يجوز الاعلى الأجسام.
والاختيار في " فاطر " الخفض لأنه من صفة (الله). والرفع، والنصب جائزان على المدح. فمن رفع فعلى اضمار (هو)، وتقديره: هو فاطر السماوات والأرض، وهو يطعم ولا يطعم. ومن نصب فعلى معنى: اذكروا عني.
ومعنى: " فاطر السماوات والأرض " خالقهما، كما قال: " ومالي لا أعبد الذي فطرني واليه ترجعون " (3) أي خلقني. قال ابن عباس: ما كنت أدري ما معنى (فاطر) حتى اختصم إلي أعرابيان في بئر، فقال أحدهما:
أنا فطرتها أي ابتدأتها. وأصل الفطر الشق، ومنه قوله تعالى: " إذا السماء انفطرت " (4) أي انشقت.
ومعني " فطر السماوات والأرض " خلقهما خلقا قاطعا. والانفطار، والفطور تقطع وتشقق وفي الآية دلالة وحجة على الكفار، لان من خلق السماوات والأرض وأنشأ ما فيها، وأحكم تدبيرهما، واطعم من فيهما هو الذي ليس كمثله شئ