التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٩١
إلى المفعول، فعلم بتقدير الأول أن الثاني بمنزلته.
والذي يحسن قراءة من قرأ " يصرف " بفتح الياء أن ما بعده من قوله " فقد رحمه " فعل مسند إلى ضمير اسم الله. فقد اتفق الفعلان في الاسناد إلى هذا الضمير، فيمن قرأ " يصرف " بفتح الياء. ويقويه أيضا أن الهاء المحذوفة من (يصرفه) لما كان في حيز الجزاء، وكان ما في حيزه في أنه لا يتسلط على الموصول، حسن حذف الهاء منه كما حسن حذفها من الصلة.
ومن ضم الياء فالمسند إليه الفعل المبني للمفعول ضمير العذاب المتقدم ذكره، ويقوي ذلك قوله " ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم " (4) ألا ترى أن الفعل بني للمفعول، وفيه ضمير العذاب. وقال الزجاج: التقدير من يصرف الله عنه العذاب فيمن فتح الياء. ومن ضم الياء، فتقديره من يصرف عنه العذاب.
قوله تعالى:
وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شئ قدير (17) وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير (18) آيتان بلا خلاف.
معنى الآية الأولى أنه لا يملك النفع والضرر الا الله تعالى أو من يملكه الله ذلك. فبين تعالى أنه مالك السوء من جهته " فلا كاشف له الا هو " ولا يملك كشفه سواه مما يعبده المشركون ولا أحد سوى الله، وأنه إن ناله بخير فهو على ذلك قادر. وقوله يمسسك بضر أو بخير، معناه يمسك ضره أو خيره. فجعل المس لله على وجه المجاز، وهو في الحقيقة الخير والضر، وهو مجاز في الخير والضر أيضا، لأنهما عرضان لا تصح عليهما المماسة. وأراد

(4) سورة 11 هود آية 8.
(٩١)
مفاتيح البحث: العذاب، العذب (4)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست