فان قيل قوله " أي شئ أكبر شهادة " تمام، وقوله " قل الله " ابتداء، وليس بجواب، ولو كان جوابا كان ما بعده من قوله " شهيد بيني وبينكم " لا ابتداء له ولا معنى له؟!
قيل: لسنا ننكر ذلك - الا أن هذا وإن كان هكذا لولا أنه متقررا عند السائل والمسؤول - ان الله شهيد - ما كان للكلام معنى، ولكان قوله: " قل أي شئ أكبر شهادة " لغوا وحشوا، وذلك منزه عن كلامه تعالى.
وقوله: " لا نذركم به ومن بلغ " وقف تام. أي من بلغه القرآن الذي أنذرتكم به، فقد أنذرته كما أنذرتكم، وهو قول الحسن رواه عن النبي صلى الله عليه وآله: أنه قال: (من بلغه أني أدعو إلى لا إله إلا الله، فقد بلغه).
يعني بلغته الحجة، وقامت عليه. وقال مجاهد: لأنذركم به " يعني أهل مكة . " ومن بلغ " من أسلم من العجم وغيرهم.
وقوله " آلهة أخرى " ولم يقل اخر، لان الآلهة جمع والجمع يقع على التأنيث، كما قال: " ولله الأسماء الحسنى " (1) و " قال فما بال القرون الأولى " (2) ولم يقل الأول. والشاهد: هو المبين لدعوى المدعي. قال الحسن: قال المشركون لرسول الله صلى الله عليه وآله: من يشهد لك؟ فنزلت هذه الآية. وهي قوله: " وأوحى إلى هذا القرآن لأنذركم به " أي اني أخوفكم به، لان الانذار هو الاعلام على وجه التخويف. " ومن بلغ " يعني القرآن و (من) في موضع نصب بالانذار. ثم قال موبخا " أئنكم لتشهدون ان مع الله آلهة أخرى " ثم قال لنبيه: قل أنت يا محمد: لا أشهد بمثل ذلك بل اشهد أنه إله واحد " واني برئ مما تشركون " بعبادته مع الله واتخاذه إلها.
قوله تعالى:
الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم