التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٩٢
تعالى بذلك الترغيب في عبادته، وحده، وترك عبادة سواه، لأنه المالك للضر والنفع دون غيره، وأنه القادر عليهما. والقاهر هو القادر على أن يقهر غيره.
فعلى هذا يصح وصفه فيما لم يزل بأنه قاهر. وفي الناس من قال: لا يسمى قاهرا الا بعد أن يقهر غيره، فعلى هذا لا يوصف تعالى فيما لم يزل بذلك.
ومثل قوله " فوق عباده " قوله " يد الله فوق أيديهم " (1) والمراد أنه أقوى منهم، وأنه مقتدر عليهم، لان الارتفاع في المكان لا يجوز عليه تعالى، لأنه من صفات الأجسام. فإذا المراد بذلك أنه مستعل عليهم، مقتدر عليهم. وكل شئ قهر شيئا فهو مستعل عليه، ولما كان العباد تحت تسخيره وتذليله وأمره ونهيه، وصف بأنه فوقهم. وقوله " وهو الحكيم الخبير " معناه أنه مع قدرته عليهم لا يفعل الا ما تقتضيه الحكمة، ولا يفعل ما فيه مفسدة، أو وجه قبح لكونه عالما بقبح الأشياء وبأنه غني عنها.
قوله تعالى:
قل أي شئ أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن لا نذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إله واحد وإنني برئ مما تشركون (19) آية بلا خلاف.
اختلفوا في الهمزتين إذا كانت الأولى مفتوحة، والثانية مكسورة من كلمة واحدة نحو (أئنك) و (أإذا) و (أإنا) و (أإفكا) فقرأ ابن عامر وأهل الكوفة وروح بتحقيق الهمزتين حيث وقع إلا في قوله " أئنكم لتشهدون "

(1) سورة 48 الفتح آية 10.
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»
الفهرست