التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٨٥
لما أخبر الله تعالى أنه لو أنزل الآيات التي اقترحوها وامتنعوا عند ذلك من الاقرار بالله وتصديق نبيه اقتضت المصلحة استئصالهم كما اقتضت المصلحة استئصال من تقدم من الأمم الماضية عند نزول الآيات المقترحة، كما فعل بقوم صالح وغيرهم من أمم الأنبياء، قال ذلك تسلية لنبيه (ع) من استمرارهم على الكفر. ومعنى (الحيق) ما يشتمل على الانسان من مكروه فعله كما قال: " ولا يحيق المكر السيئ الا بأهله " (1) أي لا ترجع عاقبة مكروهه الا عليهم. والمعنى فحاق بالساخرين منهم: " ما كانوا به يستهزؤن " من وعيد أنبيائهم بعاجل العقاب في الدنيا نحو ما نزل بقوم عاد وثمود وغيرهم من الأمم.
وقال أبو علي: حاق وحق بمعنى واحد. والمعنى انه لما نزل بهم العذاب حق بذلك الخبر عندهم: الخبر الذي كان أخبرهم به النبي صلى الله عليه وآله.
قوله تعالى:
قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين (11) آية بلا خلاف.
أمر الله تعالى في هذه الآية نبيه (ع) ان يأمر هؤلاء الكفار ان يسيروا في الأرض لينظروا إلى آثار تلك الأمم فإنها مشهورة ومتواتر خبرها معلوم مساكنها وأراد بذلك زجر هؤلاء الكفار عن تكذيب محمد (ع) والتحذير لهم من أن ينزل بهم من العذاب ما نزل بالمكذبين للرسل من قبلهم.
قوله تعالى:
قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيمة لا ريب

(1) سورة 35 فاطر آية 43.
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست