التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٥٠٤
" فإذا هي تلقف ما يأفكون " معنى تلقف تبتلع تناولا بفيها بسرعة منها، فهي تلتقمه استراطا حالا فحالا قال الشاعر:
وأنت عصى موسى التي لم تزل * تلقف ما يأفكه الساحر (1) يقال: لقفته ألقفه لقفا ولقفانا، ولقفته ألقفه وتلقفته تلقفا إذا أخذته في الهواء. ومن قرأ بتشديد التاء قال: أصله تتلقف فادغم احدى التائين في الأخرى بعد أن سكن الثانية. ومن خفف القاف أخذه من لقفته. ومن شددها قال: هو من تلقف.
وقوله " ما يأفكون " فالإفك هو قلب الشئ عن وجهه، ومنه " المؤتفكات " (2) المنقلبات. والافك الكذب لأنه قلب المعنى عن جهة الصواب. وقال مجاهد: " ما يأفكون " أي يكذبون. وفي الآية حذف، وتقديره فألقى عصاه فصارت حية " فإذا هي تلقف ما يأفكون " والمعنى إنها تلقف المأفوك الذي حل فيه الافك، وعلى هذا يحمل قوله تعالى " والله خلقكم وما تعملون " (3) ومعناه وما تعملون فيه.
وقوله " فوقع الحق " معناه ظهر الحق - في قول الحسن ومجاهد - وأصل الوقوع السقوط كسقوط الحائط والطائر تقول: وقع يقع وقعا ووقوعا وأوقعه ايقاعا، ووقع توقيعا وتوقع توقعا وأوقعه مواقعة، والميقعة المطرقة. والواقعة النازلة من السماء، والوقائع الحروب. قال الرماني:
الوقوع ظهور الشئ بوجوده نازلا إلى مستقره. و (الحق) كون الشئ في موضعه الذي اقتضته الحكمة. والحق موافق لداعي الحكمة، ولذلك يقال وقع الشئ في حقه. و (الباطل) الكائن بحيث يؤدي إلى الهلاك، وهو نقيض الحق، فالحق كون الشئ بحيث يؤدي إلى النجاة. والعمل

(1) تفسير الطبري 7 / 260 والفتح القدير (تفسير الشوكاني) 2 / 221 وروايتهما (تلقم) بدل (تلقف) وهو في مجمع البيان 2 / 460 (تلقف).
(2) سورة 52 النجم آية 53.
(3) سورة 37 الصافات آية 96.
(٥٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 509 ... » »»
الفهرست