هذا اخبار من الله تعالى عن ما قال قوم موسى لموسى بأنا أوذينا من قبل أن تأتينا بالرسالة. والأذى ضرر لا يبلغ بصاحبه ان يأتي على نفسه، تقول: آذاه يؤذيه اذى وتأذى به تأذيا، ومثله آلمه يؤلمه ايلاما وتألم به تألما. والأذى الذي كان بهم قيل: هو استعباد فرعون إياهم وقتل أبنائهم واستحياء نسائهم للاستخدام. والذي كان بعد مجئ موسى الوعيد لهم بتجديد ذلك العذاب من فرعون والتوعيد عليه، وكان هذا على سبيل الاستبطاء منهم لما وعدهم فجدد الوعد لهم وحققه، وقال الحسن: كان يأخذ منهم الجزية.
قوله " قال عسى ربكم ان يهلك عدوكم " قال سيبويه: لعل وعسى طمع واشفاق، وقال الحسن (عسى) من الله واجبة، وبه قال الزجاج.
وقال أبو علي الفارسي (عسى) ههنا يقين.
وقوله " ويستخلفكم في الأرض " قال أبو علي: استخلفوا في مصر بعد موت موسى (ع) في التيه. ثم فتح الله لهم بيت المقدس مع يوشع بن نون. ثم فتح الله لهم مصر وغيرها في زمن داود وسليمان، فملكوها في ذلك الزمان على ما وعدوا به من الاستخلاف.
وقوله تعالى " فينظروا كيف تعملون " قيل: ان معنى ينظر - ههنا - يعلم، وقيل يرى وكلا منهما مجاز لان النظر هو الطلب لما يدرك وهذا لا يجوز عليه تعالى، ولكنه جاء على قوله " ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين " (1) وفائدة الآية تسلية موسى (ع) لقومه بما وعدهم عن الله من اهلاك فرعون وقومه وجعل قومه بدلا منهم ليعملوا بطاعته.
قوله تعالى:
ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات