التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٥٠٣
لأنه جعل الرهبة للذي يرهب، والعظيم ما يملا الصدر بهوله، ووصف السحر بأنه عظيم لبعد مرام الحيلة فيه، وشدة التمويه به، فهو لذلك عظيم الشأن عند من يراه من الناس، ولأنه على ما ذكرناه من الخلاف في عدة السحرة من سبعين ألفا أو ثمانين ألفا كان مع كل واحد حبل وعصا، فلما ألقوها وخيل إلى الناس أنها تسعى استعظموا ذلك وخافوه، فلذلك وصفه الله بأنه سحر عظيم.
و (إما) إذا كانت للتخيير، فأهل الحجاز ومن جاورهم من قيس وبعض تميم يكسرونها وينصبها قيس وأسد و (أما) إذا كانت منصوبة فهي التي يقتضي أن يكون في جوابها الفاء.
قوله تعالى:
وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون (116) فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون (117) آيتان بلا خلاف.
قرأ حفص عن عاصم " تلقف " خفيفة. الباقون بتشديد القاف، وقرأ ابن كثير فإذا هي " تلقف " بتشديد التاء والقاف في رواية البزي عنه إلا النقاش، وابن فليح.
والوحي هو القاء المعنى إلى النفس من جهة تخفى، ولذلك لم يشعر به إلا موسى (ع) حتى امتثل ما أمر به فإذا العصا حية تسعى.
وفي هذه الآية إخبار من الله تعالى أنه أوحى إلى موسى (ع) حين ألقى السحرة سحرهم وسحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاؤا بسحر عظيم: أن ألق عصاك ف‍ (أن) يحتمل أمرين:
أحدهما - أن تكون مع ما بعدها من الفعل بمنزلة المصدر، وتقديره أوحينا إلى موسى بالالقاء.
الثاني - أن تكون (أن) بمعني أي لأنه تفسير ما أوحي إليه.
(٥٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 498 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 ... » »»
الفهرست