التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٤٩٩
وهذا أقبح من قوله:
وأصبحت فيهم آمنا لا كمعشر * أتوني فقالوا من ربيعة أم مضر (3) لان (أم) تدل على الهمزة. وفى الكلام حذف، لان التقدير فأرسل فرعون في المدائن حاشرين يحشرون السحرة، فحشروهم " فجاء السحرة فرعون قالوا: ان لنا لأجرا " أي ان لنا ثوابا على غلبتنا موسى عندك " ان كنا نحن " يا فرعون " الغالبين "، وهو قول ابن عباس والسدي.
وتقول: جئته وجئت إليه، فإذا قلت: جئت إليه، ففيه معنى الغاية لدخول (إلى) فيه وجئته معناه قصدته بمجيئي، وإذا لم يعده لم يكن فيه دلالة على القصد كما تقول: جاء المطر.
وقوله " وجاء السحرة فرعون قالوا " إنما لم يقل: فقالوا حتى يتصل الثاني بالأول، لان معناه لما جاؤوا قالوا، فلم يصلح دخول الفاء على هذا الوجه، وإنما قالوا: أئن، لنا لأجرا، ولم يقولوا: لنا أجر، لان أحدهما سؤال عن تحقيق الاجر وتأكيده، كما لو قال أبا لله لنا أجر، وليس كذلك الوجه الاخر.
وقوله " إن كنا نحن " موضع (نحن) يحتمل وجهين:
أحدهما - أن يكون رفعا ويكون تأكيدا للضمير المتصل في كنا.
والثاني - لا موضع له، لأنه فصل بين الخبر والاسم.
والاجر الجزاء بالخير، والجزاء قد يكون بالشر بحسب العمل وبحسب ما يقتضيه العدل. والغلبة ابطال المقاومة بالقوة، ومن هذا قيل في صفة الله (عز وجل) القاهر الغالب، لأنه القادر الذي لا يعجزه شئ.
وقوله " قال نعم " حكاية عن قول فرعون مجيبا لهم عما سألوه من أن لهم أجرا أو لا؟ بأن قال نعم لكم الاجر، و (نعم) حرف جواب مع أنه

(٣) قائله عمران بن حطان، يقوله في قوم نزل بهم متنكرا، وهو يشكر صنيعهم، انظر الكامل ٧ / 187 والخصائص لابن جني 2 / 281.
(٤٩٩)
مفاتيح البحث: عبد الله بن عباس (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 494 495 496 497 498 499 500 501 502 503 504 ... » »»
الفهرست