يجوز الوقف عليها، لأنها في الايجاب نظيرة (لا) في النفي، وإنما جاز الوقف عليها، لأنها جواب لكلام يستغني بدلالته عما يتصل بها.
وقوله " قال " أصله (قول) فانقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها وإنما قلبوها مع خفة الفتحة لتجري على (قلت وتقول) في الاعلال مع أن الألف الساكنة أخف من الواو المتحركة، وان كانت بالفتحة. والواو في قوله تعالى " وانكم " واو العطف كأنه قال: لكم ذاك، وانكم لمن المقربين، وهو في مخرج الكلام، كأنه معطوف على حرف. وكسرت الف " إنكم " لأنها في موضع استئناف بالوعد، ولم تكسر لدخول اللام في الخبر، لأنه لو لم يكن اللام لكانت مكسورة. ومثل هذا قوله تعالى " وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا أنهم ليأكلون الطعام " (1) ومعنى " من المقربين " انكم من المقربين إلى مراتب الجلالة التي يكون فيها الخاصة، ولا يتخطى فيها العامة.
وفي الآية دليل لقوم فرعون على حاجته وذلته لو استدلوا وأحسنوا النظر لنفوسهم، لأنه لم يحتج إلى السحرة الا لذلة وعجز، وكذلك في طلب السحرة الاجر دليل على عجزهم عما كانوا يدعون من القدرة على قلب الأعيان، لأنهم لو كانوا قادرين على ذلك لاستغنوا عن طلب الاجر من فرعون، ولقلبوا الصخر ذهبا ولقلبوا فرعون كلبا واستولوا على ملكه.
قال ابن إسحاق: وكان السحرة خمسة عشر ألفا. وقال ابن المكندر:
كانوا ثمانين ألفا، وقال كعب الأحبار: كانوا اثنى عشر ألفا. وقال عكرمة:
كانوا سبعين ألفا ذكره الطبري.
قوله تعالى:
قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين (114) قال ألقوا فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاؤا