" ومن يتولى الله ورسوله والذين آمنوا " (1) فهو مثل قوله " إن تنصروا الله ينصركم " (2) أي إن تنصروا دين الله، وتولى عنه بمعنى أعرض عنه.
وقوله " وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة بي " إنما جاز أن يناديهم مع كونهم جاثمين موتى لما في تذكر ما أصارهم إلى تلك الحال العظيمة التي صاروا بها نكالا لكل من اعتبر بها وفكر فيها من الحكمة والموعظة الحسنة.
وقوله " ونصحت لكم " يقال: نصحته ونصحت له مثل شكرته وشكرت له، ومعناه وكنت نصحت لكم " ولكن لا تحبون الناصحين " فمحبة الشئ إرادة الحال الجليلة له عند المريد، فمن أحب الناصح قبل منه، لنهيه لهم عن ركوب أهوائهم واتباع شهواتهم، وقد روي أنه لم يعذب أمة نبي قط ونبيها فيها، فلذلك خرج، فأما إذا أهلك المؤمنون فيما بينهم، فان الله سيعوضهم على ما يصيبهم من الآلام والغموم.
قوله تعالى:
ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين (79) آية.
العامل في قوله " ولوطا " يحتمل أن يكون أحد أمرين:
أحدهما - أن يكون عطفا على ما مضى، فيكون تقديره وأرسلنا لوطا.
والثاني - أن يكون على تقدير واذكر لوطا إذ قال لقومه - في قول الأخفش - ولا يجوز في قصة عاد وثمود إلا (وأرسلنا)، لان فيها ذكر إلى.
و (لوط) مصروف لخفته، لأنه على ثلاث أحرف ساكن الأوسط، ولا ينصرف يعقوب، لأنه أعجمي معرفة.
واختلفوا في اشتقاق (لوط) فقال بعض أهل اللغة: إنه مشتق من لطت الحوض إذا ألزقت عليه الطين وملسته به، ويقال: هذا (ألوط) بقلبي