عامر وأهل الكوفة إلا حفصا، والحلواني عن هشام يفصل بينهما بالألف، وابن كثير وأبو عمرو وورش تحقق الأولى وتلين الثانية، وفصل بينهما بألف أبو عمرو.
. وقال أبو علي: قوله " أتأتون الفاحشة... إنكم لتأتون الرجال " كل واحد من الاستفهامين كلام مستقل بنفسه لا حاجة لواحد منهما إلى الاخر، فإذا كان كذلك، فمن قرأ (أإنكم) على الاستفهام جعل ذلك تفسيرا للفاحشة، كما أن قوله " للذكر مثل حظ الأنثيين " (1) تفسير للوصية. ومن قرأ على الخبر استأنف، ومن أراد أن يلين همزة (إنكم) فإنه يجعلها بين بين، لان ألف الاستفهام بمنزلة المنفصل، ولولا ذلك لوجب أن يقلب الثانية على ما قبله ثم يحذف لالتقاء الساكنين.
ومعنى قوله " إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء " قال الحسن:
إن قوم لوط كانوا ينكحون الرجال في أدبارهم ولا ينكحون إلا الغرباء ولا ينكح بعضهم بعضا. وقوله " شهوة من دون النساء " فالشهوة مطالبة النفس بفعل ما فيه اللذة، وليست كالإرادة، لأنها قد تدعو إلى الفعل من جهة الحكمة. والشهوة من فعل الله ضرورة فينا، والإرادة من فعلنا، تقول شهيت أشهي شهوة، قال الشاعر:
وأشعث يشهى النوم قلت له ارتحل * إذا ما النجوم أعرضت واسبكرت فقام يجر البرد لو أن نفسه * يقال له خذها بكفيك خرت (2) وقوله " بل أنتم قوم مسرفون " معناه الاضراب عن الأول إلى جميع المعايب من عبادة الأوثان وإتيان الذكران وترك ما قام به البرهان، وتقديره