قوله تعالى:
واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين (73) آية بلا خلاف.
في هذه الآية حكاية لقول صالح (ع) لقومه بعد أن أمرهم بعبادة الله وحده لا شريك له، ونهيه إياهم أن يمسوا الناقة بسوء، وحذرهم من المخالفة التي يستحق بها العذاب المؤلم فقال - عاطفا على ذلك - و " اذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد " أي تفكروا فيما أنعم الله عليكم حيث جعلكم بدل قوم عاد بعد أن أهلكهم وأورثكم ديارهم " وبوأكم في الأرض " أي مكنكم من منازل تأوون إليها، يقال بوأته منزلا إذا مكنته منه ليأوى إليه.
وأصله من الرجوع من قوله " فباءوا بغضب على غضب " (1) وقوله " وباءوا بغضب من الله " (2) أي رجعوا، قال الشاعر:
وبوأت في صميم معشرها * فتم في قومها مبوأها (3) أي أنزلت ومكنت من الكرم في صميم النسب.
وقوله " تتخذون من سهولها " فالسهل ما ليس فيه مشقة على النفس من عمل أو أرض، يقال: السهل والجبل، وأرض سهلة. وقوله " قصورا " جمع قصر، وهو الدار الكبيرة بسور تكون به مقصورة. وأصله القصر الذي هو الجعل على منزلة دون منزلة، فمنه القصير، لأنه قصر به على مقدار دون ما هو أطول منه، والقصر الغاية، يقال: قصره الموت لأنه قصر عليه، واقصر عن الامر أي كف عنه. والقصر العشي، ومنه القصار لأنه يقصر