التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٤٥٤
عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين (78) آيتان بلا خلاف.
أخبر الله تعالى في هذه الآية بما حل بثمود من العذاب، فقال " فأخذتهم الرجفة " وهي حركة القرار المزعجة لشدة الزعزعة تقول: رجف بهم السقف رجوفا إذا اضطرب من فوقهم، وقال المجاهد والسدي: الرجفة الصيحة.
وقال آخرون: هي زلزلة أهلكوا بها، قال الأخطل:
اما تريني حناني الشيب من كبر * كالنشر أرجف والانسان مهدود (1) وقوله " فأصبحوا في دارهم جاثمين " إنما قال دراهم على التوحيد لامرين:
أحدهما - إن المعنى في بلدهم، وهو واحد.
والاخر - أن معناه في دورهم، وإنما وحد كما توحد أسماء الأجناس كقوله " إن الانسان لفي خسر " (2) والاخذ نقل الشئ عن حاله إلى جهة الناقل له، وضده الترك كأخذ الدينار وترك الدرهم. ومعنى " جاثمين " باركين على ركبهم موتى، جثم يجثم جثوما إذا برك على ركبتيه. وقيل:
صاروا رمادا كالرماد الجاثم، لان الصاعقة أحرقتم، وقال جرير:
عرفت المنتأى وعرفت منها * مطايا القدر كالجدء الجثوم (2) وقوله " فتولى عنهم " يعني أن صالحا تولى عن قومه، والتولي الذهاب عن الشئ وهو الاعراض عنه، وإنما تولى، لأنه أقبل عليهم بالدعاء إلى توحيد الله وطاعته، فلما خالفوا ونزل بهم العذاب تولى عنهم لليأس منهم وتولاه بمعنى أولاه نصرته ومعونته، ومنه قولهم (تولاك الله بحفظه) وقوله

(١) ديوانه: ١٤٦ وتفسير الطبري ١٢ / ٥٤٤.
(٢) سورة ١٠٣ العصر آية ٢.
(٣) ديوانه: ٥٠٧ ومجاز القرآن 1 / 218 وتفسير الطبري 12 / 546.
(٤٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 449 450 451 452 453 454 455 456 457 458 459 ... » »»
الفهرست