إنكم مستوفون لجميع المعائب إتيان الذكران وغيره، ويحتمل أن يكون بل لاسرافكم لا تفلحون. والاسراف الخروج عن حد الحق إلى الفساد.
قوله تعالى:
وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون (81) آية بلا خلاف.
الوجه في قوله " جواب قومه " بالنصب أنه وقع الاسم بعد (إلا) موقع الايجاب، وذلك أن ما قبلها إذا كان إيجابا كان ما بعدها نفيا، وإذا كان ما قبلها نفيا كان ما بعدها ايجابا، والجواب خبر يقتضيه أول الكلام، والغالب عليه جواب النداء والسؤال، ويكون على وجوه كجواب الجزاء وجواب القسم وجواب (لو).
أخبر الله في هذه الآية بما أجاب به قوم لوط (ع) حين قال لهم " إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين " كأنهم قالوا: بعضهم لبعض " أخرجوهم " يعنون لوطا وأهله الذين آمنوا به. والاخراج نقل الشئ عن محيط إلى غيره، كما أن الادخال النقل إلى محيط عن غيره. وقال الزجاج والفراء: أرادوا اخرجوا لوطا وابنتيه.
وقوله " من قريتكم " فالقرية هي المدينة، كما قال أبو عمرو بن العلاء:
ما رأيت قرويين أفصح من الحسن والحجاج، يعني رجلين من أهل المدن إلا أنه صار بالعرف عبارة عن مجتمع الناس في منازل متجاوزة بقرب ضيعة يأوى إليها للاكراء.
وقوله " إنهم أناس يتطهرون " قيل فيه قولان:
أحدهما - قال ابن عباس ومجاهد وقتادة: يعني يتطهرون عن اتيان الرجال في الادبار فعابوهم بما يجب أن يمدحوا به.
الثاني - أنه أراد يتطهرون يتنزهون عن أفعالكم وطرائقكم.