التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٤٦٠
عض بما أبقى المواسي له * من أمه في الزمن الغابر (1) وقال آخر:
وأبي الذي فتح البلاد بسيفه * فأذلها لبني أبان الغابر (2) وقال الزجاج " من الغابرين " عن النجاة. ومنه الغبرة بقية أثر البياض بعد الامتزاج بغيره من الألوان. وقال الرماني: هذا استثناء متصل، لأنه يجوز أن يدخل الزوجة في الأهل على التغليب في الجملة دون التفصيل كما قال " يا نوح إنه ليس من أهلك " (3) ومن أجل التغليب قال " من الغابرين " ولم يقل من الغابرات. ويقوي في نفسي أنه استثناء منقطع، لان الزوجة لا تدخل تحت قولنا: الأهل حقيقة، وقد بينا ذلك في سورة البقرة مستوفا.
وقوله " وأمطرنا عليهم مطرا " وأمطرها الله إمطارا. وقيل: أمطر عليهم حجارة من سجيل، وهذا اخبار من الله تعالى عما أنزله الله بقوم لوط من العذاب.
وقوله " فانظر كيف كان عاقبة المجرمين " أمر للنبي صلى الله عليه وآله والمراد به جميع المكلفين بأن يتفكروا في ذلك ويعلموا كيف كان عاقبة المجرمين، يعني إلى ما صار إليه عاقبة هؤلاء العاصين. و (كيف) سؤال عن حال إلا أنها تقع في التسوية، لان فيها ادعاء. وإذا قال القائل: كيف هو، معناه قد علمت ما يطلبه الطالب كيف هو من حاله. والعاقبة آخر ما تؤدي إليه التأدية، وأصله كون الشئ في أثر الشئ ومنه العقاب، لأنه يستحق عقيب الذنب.
ومنه العقاب لأنه يعقب على صيده لشدته، والعقب، لأنه عقب به بشدة شيئا بعد شئ. والاجرام اقتراف السيئة، أجرم إجراما إذا أذنب والجرم

(١) ديوانه: ١٠٦ ومجاز القرآن ١ / ٢١٩ وتفسير الطبري ١٢ / ٥٥١ واللسان (غير).
(٢) قائله يزيد بن الحكم بن أبي العاص خزانة الأدب ١ / 55 وتفسير الطبري 12 / 552 (3) سورة 11 هود آية 46.
(٤٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 ... » »»
الفهرست