ورابعها - أن تكون الآية مخصوصة بقوم معاندين كانوا عارفين بصدقه ولكنهم يجحدونه عنادا وتمردا. وقال الحسن: معناه " نعلم أنه ليحزنك الذي يقولون " انك ساحر وانك مجنون فإنهم لا يكذبونك، لان معرفة الله في قلوبهم بأنه واحد " ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ".
وخامسها - قال الزجاج: لا يكذبونك، لا يقدرون أن يقولوا لك فيما أنبأت به بما في كتبهم كذبت. قال أبو علي: يجوز أن يكون المعنى - فيمن ثقل - قلت له كذبت، مثل زنيته وفسقته إذا نسبته إلى الزنا والفسق. و (فعلت) جاء على وجوه نحو خطأته أي نسبته إلى الخطأ، وسقيته ورعيته، أي قلت له سقاك الله ورعاك، وقد جاء في هذا المعنى أفعلته، قالوا: أسقيته، أي قلت له سقاك الله، قال الشاعر:
وأسقيته حتى كاد مما أبثه * تكلمني أحجاره وملاعبه (1) فيجوز على هذا أن يكون معنى القراءتين واحدا، وان اختلف اللفظان، كما تقول: قللت وكثرت وأقللت وأكثرت بمعنى واحد حكاه سيبويه، وقال الكميت:
فطائفة قد أكفروني بحبكم * وطائفة قالوا مسيئ ومذنب (2) وحكى الكسائي عن العرب أكذبت الرجل إذا أخبرت انه جاء بكذب، وكذبته إذا أخبرت انه كذاب بقوله كذبته إذا أخبرت انه جاء بكذب، كقولهم:
أكفرته إذا نسبوه إلى الكفر، وكذبته أخبرته أنه كذاب مثل فسقته إذا أخبرت انه فاسق.
وقوله " ولكن الظالمين " يعني هؤلاء الكفار " بآيات الله " يعني القرآن والمعجزات يجحدون ذلك بغير حجة، سفها وجهلا وعنادا.