التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ١١٨
ولا يذهب عنهم سرورها.
وقوله " أفلا تعقلون " أن ذلك كما وصفت لهم فيزهدوا في شهوات الدنيا ويرغبوا في نعيم الآخرة بفعل ما يؤديهم إليه من الأعمال الصالحة.
ومن قرأ (يعقلون) بالياء، فلانه قد تقدم ذكر الغيبة في قوله " للذين يتقون " والتقدير أفلا يعقل الذين يتقون ان الدار الآخرة خير لهم من هذه الدار فيعملوا بما ينالون به من النعيم الدائم. ومن قرأ بالتاء قصد خطاب جميع الخلق المواجهين به.
والعقل هو الامساك عن القبيح وقصر النفس وحبسها على الحسن والحجا أيضا احتباس وتمكث، قال الشاعر:
فهن يعكفن به إذا حجا (1) وانشد الأصمعي حيث يحجا مطرق بالفالق (2) حجا أقام بالمكاره، والحجا مصدر كالشبع، ومنه الحجيا اللغز للتمكث الذي يلقى عليه حتى يستخرجها. قال أبو زيد: جمع حجى حجيات، فجاءت الحجيا مصغرة كالثريا والجديا، والنهى يحتمل أن يكون جمعا بدلالة قوله " لأولي النهى " (3) لأنه اضافه إلى الجمع. ويجوز أن يكون مفردا في موضع الجمع، وهو في معنى ثبات، وحسن. ومنه النهي، والنهى والتنهية للمكان الذي ينتهي إليه الماء فينتقع فيه لتسفله ويمنعه ارتفاع ما حوله من أن يسيح فيذهب على وجه الأرض.
قوله تعالى:
قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك

(1) قائله العجاج. اللسان (حجا) وعجزه (عكف النبيط يلعبون الفنزجا) (2) قائله عمار بن أيمن الرياني. اللسان (حجا).
(3) سورة 20 طه آية 54، 128.
(١١٨)
مفاتيح البحث: الحج (1)، النهي (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست